استثمارات السعودية في مطار هيثرو- قوة اقتصادية ونفوذ سياسي متزايد.
المؤلف: محمد مفتي10.26.2025

مما لا ريب فيه أن مطار هيثرو يضطلع بدور حيوي وأهمية قصوى لاقتصاد بريطانيا وتاريخها العريق، فهو بمثابة البوابة الرئيسية التي تربط المملكة المتحدة، إحدى الدول ذات الثقل السياسي والنفوذ العالمي في مختلف المحافل الدولية، بالعالم أجمع. علاوة على ذلك، يمثل مطار هيثرو نقطة وصل ومحطة عبور أساسية لمئات شركات الطيران التي تسعى لربط الشرق بالغرب. ومن المعلوم أن البريطانيين يفتخرون أيما افتخار بهذا المطار ذائع الصيت، والذي يستقبل سنوياً ما يزيد على 60 مليون مسافر، ويخدم أكثر من 170 شركة طيران عالمية، مما يجعله أكبر مطار في بريطانيا وثالث أكثر المطارات ازدحاماً في العالم من حيث حركة المسافرين النشطة.
منذ أيام قليلة، أعلن صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية عن إتمام صفقة الاستحواذ على ما يقارب 15% من أسهم شركة «إف جي بي توبكو»، وهي الشركة القابضة المالكة لمطار هيثرو. وبغض النظر عن الخوض في تفاصيل هذه الصفقة الهامة، يمكننا أن نؤكد بثقة أن استحواذ المملكة على مثل هذه النسبة المعتبرة في مرفق حيوي يمثل شريان الحياة الاقتصادية لبريطانيا العظمى، إنما يعكس مدى الثقة الراسخة التي توليها بريطانيا على وجه الخصوص والغرب عموماً لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، والذي يمثل الذراع الاستثماري القوي للمملكة.
لقد تابعنا جميعاً قبل أيام الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني إلى المملكة العربية السعودية، ولقاءه المثمر مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ومما لا شك فيه أن رئيس وزراء دولة كبرى ذات ثقل سياسي مرموق وأهمية دولية لا يضاهيها مثيل، لم يكن ليكلف نفسه مشقة السفر والزيارة إلا لرغبة جامحة من الحكومة البريطانية في تعزيز التعاون مع المملكة في العديد من المجالات الحيوية ذات الأهمية المشتركة، خاصة وأن المملكة أصبحت لاعباً إقليمياً ودولياً مؤثراً للغاية على الصعيدين السياسي والاقتصادي. يذكر أيضاً أن الرئيس الفرنسي قد زار المملكة قبل أسابيع قليلة من زيارة رئيس الوزراء البريطاني، والتقى أيضاً بالأمير الشاب، معرباً عن تطلع حكومة بلاده إلى توطيد أواصر التعاون مع المملكة في شتى المجالات.
قبل عدة أشهر، وتحديداً عندما كنت أتابع باهتمام بالغ تفاصيل الزيارة المهمة التي قام بها لي تشيانغ، رئيس مجلس الدولة الصيني، إلى المملكة العربية السعودية، والاهتمام الذي أبدته الصحف ووسائل الإعلام العالمية بهذه الزيارة، كنت أقول في قرارة نفسي «إن علاقات المملكة العربية السعودية مع جميع الدول العظمى لم تكن يوماً بأفضل حال مما هي عليه الآن». فالمملكة باتت اليوم محط أنظار وقبلة اقتصادية وسياسية لرؤساء دول عظمى مثل الصين وبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا.
ولعل الحقيقة الأبرز التي تكشف عنها هذه الزيارات المتتالية هي أن رؤساء تلك الدول المهيمنة على مجلس الأمن الدولي يمنحون ثقتهم الكاملة للأمير الشاب. ومن المستحيل تصور أن تجتمع الدول العظمى على هذا المستوى من الاهتمام بالأمير الشاب ولي العهد، إلا لثقتهم المطلقة في إنجازاته الباهرة وفي مسيرة التنمية المتسارعة التي يقودها بحكمة واقتدار، والتي تحققت بالفعل خلال بضع سنوات فقط. وعلى الرغم من إجماع الخبراء والمحللين الاقتصاديين على أن الاستثمار في الأصول الأجنبية الناجحة هو تفكير اقتصادي استراتيجي سليم تماماً وبعيد المدى، إلا أن البعض لا يزال يعتقد أن الاستثمار في شرايين اقتصاد الدول الغربية هو ضرب من العبث وإهدار للمال، وهو تفكير ضيق الأفق لا يضع في الاعتبار المفهوم الشامل للاستثمار كعملية متكاملة الأبعاد والجوانب.
إن الاستثمار في شرايين اقتصاد الدول الكبرى ليس مجرد استثمار اقتصادي بحت، بل هو أيضاً استثمار سياسي ذو أبعاد استراتيجية. ومن المسلم به عالمياً أن هناك علاقة وثيقة وترابطاً عضوياً بين القوة الاقتصادية والنفوذ السياسي. فعلى سبيل المثال، تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية اعتماداً كلياً على قوتها الاقتصادية الهائلة التي مكنتها من الهيمنة السياسية على المجتمع الدولي، وساعدتها أيضاً في تكوين تحالفات قوية تسير في فلكها. فهناك العديد من الدول التي تمتلك قوة عسكرية متطورة، إلا أنها تعاني من تراجع سياسي ملحوظ بسبب ضعف اقتصاداتها المتهالكة.
منذ بضعة أيام، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن فوز المملكة العربية السعودية باستضافة كأس العالم 2034. ومن المعروف جيداً أن نجاح أي دولة في استضافة هذا الحدث الرياضي الضخم يعكس بجلاء قوتها الاقتصادية المتنامية وثقة المجتمع الدولي الراسخة في قدرتها على إدارة وتنظيم هذا الحدث العالمي بكفاءة واقتدار. فالكثير من الدول تتوق إلى الفوز بشرف تنظيم مثل هذه الفعاليات الرياضية العالمية الكبرى نظراً للعائد الاقتصادي الضخم الذي تدره عليها، كما أن نجاح أي دولة في استضافة فعالية دولية بهذا الحجم يجبر جميع دول العالم على توجيه أنظارها واهتمامها نحوها، باعتبارها دولة آمنة ومستقرة وقادرة على حماية مواطني الدول القادمين للمشاركة في هذه الفعالية المتميزة.
هل يمكننا أن نتخيل أن تفوز دولة مزقتها الحروب الأهلية والصراعات الداخلية بتنظيم مثل هذا الحدث الرياضي العالمي المرموق؟! الإجابة القاطعة هي "لا" بكل تأكيد. فالدول التي منحت أصواتها للمملكة العربية السعودية لن تمنحها أبداً لدولة لا تستطيع أن تضمن سلامة وأمن مواطنيها على أراضيها. كما أن عملية التصويت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقوة الاقتصادية للدولة، فالدول المستقرة الفقيرة أيضاً لا يمكنها إنجاح مثل هذا الحدث الرياضي الضخم الذي يتطلب توفير بنية تحتية ضخمة ومرافق متطورة، الأمر الذي يستلزم إنفاق مليارات الدولارات، إضافة إلى وجود جهاز إداري كفء وقادر على إنجاح مثل هذه الفعاليات العالمية. إن الأحداث التي تمر بها المملكة العربية السعودية تحمل في طياتها دلالات سياسية واقتصادية وأمنية أعمق بكثير من كونها مجرد خبر مكتوب في بضعة سطور. فالحقيقة الساطعة كالشمس هي أن نجاحات المملكة المتتالية على الأصعدة السياسية والاقتصادية والفنية والرياضية قد تحولت إلى صفحة بيضاء ناصعة في تاريخها العريق، تشهد على قيادتها الرشيدة وحكمتها البالغة.
منذ أيام قليلة، أعلن صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية عن إتمام صفقة الاستحواذ على ما يقارب 15% من أسهم شركة «إف جي بي توبكو»، وهي الشركة القابضة المالكة لمطار هيثرو. وبغض النظر عن الخوض في تفاصيل هذه الصفقة الهامة، يمكننا أن نؤكد بثقة أن استحواذ المملكة على مثل هذه النسبة المعتبرة في مرفق حيوي يمثل شريان الحياة الاقتصادية لبريطانيا العظمى، إنما يعكس مدى الثقة الراسخة التي توليها بريطانيا على وجه الخصوص والغرب عموماً لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، والذي يمثل الذراع الاستثماري القوي للمملكة.
لقد تابعنا جميعاً قبل أيام الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني إلى المملكة العربية السعودية، ولقاءه المثمر مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ومما لا شك فيه أن رئيس وزراء دولة كبرى ذات ثقل سياسي مرموق وأهمية دولية لا يضاهيها مثيل، لم يكن ليكلف نفسه مشقة السفر والزيارة إلا لرغبة جامحة من الحكومة البريطانية في تعزيز التعاون مع المملكة في العديد من المجالات الحيوية ذات الأهمية المشتركة، خاصة وأن المملكة أصبحت لاعباً إقليمياً ودولياً مؤثراً للغاية على الصعيدين السياسي والاقتصادي. يذكر أيضاً أن الرئيس الفرنسي قد زار المملكة قبل أسابيع قليلة من زيارة رئيس الوزراء البريطاني، والتقى أيضاً بالأمير الشاب، معرباً عن تطلع حكومة بلاده إلى توطيد أواصر التعاون مع المملكة في شتى المجالات.
قبل عدة أشهر، وتحديداً عندما كنت أتابع باهتمام بالغ تفاصيل الزيارة المهمة التي قام بها لي تشيانغ، رئيس مجلس الدولة الصيني، إلى المملكة العربية السعودية، والاهتمام الذي أبدته الصحف ووسائل الإعلام العالمية بهذه الزيارة، كنت أقول في قرارة نفسي «إن علاقات المملكة العربية السعودية مع جميع الدول العظمى لم تكن يوماً بأفضل حال مما هي عليه الآن». فالمملكة باتت اليوم محط أنظار وقبلة اقتصادية وسياسية لرؤساء دول عظمى مثل الصين وبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا.
ولعل الحقيقة الأبرز التي تكشف عنها هذه الزيارات المتتالية هي أن رؤساء تلك الدول المهيمنة على مجلس الأمن الدولي يمنحون ثقتهم الكاملة للأمير الشاب. ومن المستحيل تصور أن تجتمع الدول العظمى على هذا المستوى من الاهتمام بالأمير الشاب ولي العهد، إلا لثقتهم المطلقة في إنجازاته الباهرة وفي مسيرة التنمية المتسارعة التي يقودها بحكمة واقتدار، والتي تحققت بالفعل خلال بضع سنوات فقط. وعلى الرغم من إجماع الخبراء والمحللين الاقتصاديين على أن الاستثمار في الأصول الأجنبية الناجحة هو تفكير اقتصادي استراتيجي سليم تماماً وبعيد المدى، إلا أن البعض لا يزال يعتقد أن الاستثمار في شرايين اقتصاد الدول الغربية هو ضرب من العبث وإهدار للمال، وهو تفكير ضيق الأفق لا يضع في الاعتبار المفهوم الشامل للاستثمار كعملية متكاملة الأبعاد والجوانب.
إن الاستثمار في شرايين اقتصاد الدول الكبرى ليس مجرد استثمار اقتصادي بحت، بل هو أيضاً استثمار سياسي ذو أبعاد استراتيجية. ومن المسلم به عالمياً أن هناك علاقة وثيقة وترابطاً عضوياً بين القوة الاقتصادية والنفوذ السياسي. فعلى سبيل المثال، تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية اعتماداً كلياً على قوتها الاقتصادية الهائلة التي مكنتها من الهيمنة السياسية على المجتمع الدولي، وساعدتها أيضاً في تكوين تحالفات قوية تسير في فلكها. فهناك العديد من الدول التي تمتلك قوة عسكرية متطورة، إلا أنها تعاني من تراجع سياسي ملحوظ بسبب ضعف اقتصاداتها المتهالكة.
منذ بضعة أيام، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن فوز المملكة العربية السعودية باستضافة كأس العالم 2034. ومن المعروف جيداً أن نجاح أي دولة في استضافة هذا الحدث الرياضي الضخم يعكس بجلاء قوتها الاقتصادية المتنامية وثقة المجتمع الدولي الراسخة في قدرتها على إدارة وتنظيم هذا الحدث العالمي بكفاءة واقتدار. فالكثير من الدول تتوق إلى الفوز بشرف تنظيم مثل هذه الفعاليات الرياضية العالمية الكبرى نظراً للعائد الاقتصادي الضخم الذي تدره عليها، كما أن نجاح أي دولة في استضافة فعالية دولية بهذا الحجم يجبر جميع دول العالم على توجيه أنظارها واهتمامها نحوها، باعتبارها دولة آمنة ومستقرة وقادرة على حماية مواطني الدول القادمين للمشاركة في هذه الفعالية المتميزة.
هل يمكننا أن نتخيل أن تفوز دولة مزقتها الحروب الأهلية والصراعات الداخلية بتنظيم مثل هذا الحدث الرياضي العالمي المرموق؟! الإجابة القاطعة هي "لا" بكل تأكيد. فالدول التي منحت أصواتها للمملكة العربية السعودية لن تمنحها أبداً لدولة لا تستطيع أن تضمن سلامة وأمن مواطنيها على أراضيها. كما أن عملية التصويت ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقوة الاقتصادية للدولة، فالدول المستقرة الفقيرة أيضاً لا يمكنها إنجاح مثل هذا الحدث الرياضي الضخم الذي يتطلب توفير بنية تحتية ضخمة ومرافق متطورة، الأمر الذي يستلزم إنفاق مليارات الدولارات، إضافة إلى وجود جهاز إداري كفء وقادر على إنجاح مثل هذه الفعاليات العالمية. إن الأحداث التي تمر بها المملكة العربية السعودية تحمل في طياتها دلالات سياسية واقتصادية وأمنية أعمق بكثير من كونها مجرد خبر مكتوب في بضعة سطور. فالحقيقة الساطعة كالشمس هي أن نجاحات المملكة المتتالية على الأصعدة السياسية والاقتصادية والفنية والرياضية قد تحولت إلى صفحة بيضاء ناصعة في تاريخها العريق، تشهد على قيادتها الرشيدة وحكمتها البالغة.
